رئيس مجلس الادارة: نجلاء كمال
رئيس التحرير: محمد أبوزيد
advertisment

مختار محمود يكتب: محمد رحيم..ولقاء لم يكتمل

المصير

السبت, 23 نوفمبر, 2024

03:17 م

كان بين الملحن الراحل محمد رحيم وبيني اتفاقٌ على لقاء، لكنه لم يلتئم؛ فقد أعمل الموت كلمته فيه على حين غفلة صباح اليوم، وغيَّبه في عنفوانه. جميعُنا جنازاتٌ مؤجلة مع فارق التوقيت. 


عرفتْ الشهرة "رحيم" صغيرًا، وأضحى ملء السمع والبصر في الوسط الغنائي شابًا، وتعاون مع نجوم الصف الأول، وبدا من شهادات أصدقائه وزملائه عقب وفاته أنه كان إنسانًا خلوقًا وطيبًا.


في النصف الأول من شهر فبراير الماضي، كتبتُ مقالاً بعنوان: "يا ليتني براقًا"!!، انتقدتُ فيه أغنية  بهذا الاسم، كان "رحيم" قام بتلحينها وغنائها، وتذيعها المحطات الإذاعية بشكل متكرر، خاصة أيام الجُمَع وفي المناسبات الدينية؛ باعتبارها أغنية دينية!


ذكرتُ في هذا المقال أن العوار اللُّغوي يستوطنُ  الأغنية: عنوانًا ومتنًا، حتى أفسد معانيَها تمامًا، وما كان يصحُّ أن يتم تمرير أغنية دينية بهذا التردي اللُّغوي –مهما كانت النوايا طيبة- وكان يجب أن يتم مراجعتها وتدقيقها، وذكرتُ الأخطاء الواردة فيها على سبيل الحصر، وهي كثيرة جدًا، وطالبت في نهاية المقال بأحد أمرين: إمَّا حجبها، وإمَّا إعادة إنتاجها وتصويب كل ما بها من أخطاء وخطايا لغوية، وتقديمها في نسخة جديدة تمامًا.


واعتبرتُ أغنية "يا ليتني براقًا" نموذجًا صارخًا لتراجع الأغنية الدينية المصرية، وامتدادًا لسلسلة طويلة من الأغاني الدينية الرديئة التي قدمها هشام عباس وإيهاب توفيق وآخرون، ويخلو جميعها من حُسن الصنعة وجمال الإتقان وروعة البيان ووضوح الفكرة.


وضربتُ في هذا السياق أمثلة بالأغاني الدينية التي يطرحها مطربون لا يتحدثون اللغة العربية مثل: سامي يوسف وماهر زين ومسعود كرتس، وكيف يخلو جميعها من أي لحن أو خطأ لغوي، فضلاً عما تشتمل عليه من مضامين ومعانٍ وإشارات جادة وجيدة!


ولا أنكر أنني حملتُ كثيرًا على "رحيم" وعلى مؤلف الأغنية، كما أنكرتُ على المحطات الإذاعية المُسارَعة في إذاعتها، رغم ما تحتفظ به المكتبة الإذاعية من أغانٍ دينية رائدة وخالدة، تناسب كل الظروف والمناسبات.
 معظم كلمات الأغاني الدينية التي تم تقديمها في العشرية الأخيرة لا يخلو من السقوط في في فخ الخطايا اللغوية الشنيعة من أولها إلى آخرها، ويستطيع أي تلميذ بالمرحلة الابتدائية أن يرصدها بسهولة  ويصححها دون عناء أو مشقة.


وبعد نشر هذا المقال بسويعات قليلة..هاتفني الراحل "محمد رحيم"، وكان ودودًا جدًا، وأبدى انزعاجه من عدد الأخطاء التي تم رصدها في المقال، وبدا من الوهلة الأولى أنه غير مُصدِّق، قبل أن يُوجِّه لي لومًا مبطنًا بأنني كنتُ عنيفًا في نقده، ثم اتفقنا على لقاء قريب؛ خاصة بعدما اكتشفنا أننا "جيران"؛ للنظر في كل ما تتضمنه المقال، ولكن تعاقبت الأيام والأسابيع، ودخل في أزمة صحية عنيفة منذ شهور قليلة، ثم جاء خبر الرحيل صباح اليوم..رحمه الله تعالى وغفر له.